إن التغيير هو سمة الحياة في هذا العصر، ويواجه كِلَا الزوجين الكثير من الأحداث الجديدة التي تتطلب منهما التكيُّف والتغيير.
يُمكن إجمال خطوات التغيير الثلاث فيما يأتي: قل وداعًا للماضي، ثم تخطَّ المرحلة الانتقالية، ثم أبدأ مرحلة جديدة.
يتطلَّب التغيير عددًا من المهارات، منها وجود الرؤية والهدف، والقدرة على إعادة التخطيط، والذكاء العاطفي، والتمتُّع بالمرونة، والدراية العالية بالذات.
إن شريك الحياة الذي يمر بالتغيير يحتاج إلى دعم الآخر بجميع الصور الممكنة، وهو يحتاج قبل كل شيء إلى تفهُّمه لطبيعته، وحيث إن أسلوب تعامل الرجل والمرأة مع التغيير يختلف، فإن من المفيد لهما أن يفهم كل منهما طبائع الآخر، لكي يمد له يد المساعدة بأفضل أسلوب ممكن.
يتعامل الرجال مع التغيير من خلال العمل واتّخاذ الخطوات التنفيذية، وهم يتجاهلون مرحلة توديع الماضي وينتقلون مباشرة إلى المرحلة الانتقالية، ويمتاز الرجال بسرعة البدء في التزامهم تجاه التغيير، حيث إنهم يبدأون أولى خطواتهم فور اتخاذهم قرار التغيير، وهم بذلك يفعلون أكثر مما يتحدَّثون.
من سلبيات الرجل المحتملة أثناء التغيير أنه قد يتجاهل مرحلة توديع الماضي (فتعتقد المرأة أنه بلا مشاعر)، أو يتصرَّف رأسًا من دون الحسابات الكافية (فتعتقد المرأة أنه مندفع)، أو يتصَّرف مستقلًّا ويتوقَّع اتباع الغير له (فلا تدري المرأة ماذا يحدث)، أو يبدأ في العمل اعتمادًا على الصورة العامة (فتتساءل المرأة عن التفاصيل)، أو يعيد الكرّة إذا لم ينجح في المرة الأولى (فتتساءل المرأة عن سبب عدم تفكيره أول مرة).
أما النساء، فتتعامل مع التغيير أولًا من خلال الانفتاح والتحدُّث حول طرق التغيير المحتملة والمقترحة، وهن يستغرقن في توديع الماضي الكثير من الوقت، لذا فهن يتقدَّمن بخطوات بطيئة نحو المرحلة الجديدة، والنساء يتمتَّعن بالقدرة على رؤية المستقبل داخل عقولهن والتعبير عنه شفاهةً، وهنَّ أكثر اهتمامًا بالتعبير عن مشاعرهن، واحتياجًا إلى من يدعمهن في الجانب العاطفي؛ وفيما يخص إعادة التخطيط، فإنهن يحتجن دومًا إلى مرشد خارجي. كل هذا يضع عبئًا على الرجل أثناء التغيير؛ لعدم وجود هذه الحاجات عنده.
من سلبيات المرأة المحتملة أثناء التغيير أنها قد تمضي كثيرًا من الوقت في التحُّدث حول التغيير (فيعتقد الرجل أنها تماطل)، أو تتعثَّر في اتخاذ القرار (فيعتقد الرجل أنها ضعيفة)، أو تُسهب في الحديث عن المستقبل (فيعتقد الرجل أنها تضيِّع الوقت بلا طائل)، أو تحزن على الماضي (فيعتقد الرجل أنها عاطفية ومتسرعة)، أو تنسى نفسها واحتياجاتها (فيعتقد الرجل أنها ستقول له إذا أرادت شيئًا).
من أجل تغيير أفضل للجميع، يجب على المرأة أن تتذكَّر أن الرجل يحتاج إلى البدء في العمل حينما يحين وقت التغيير (فهو لا يفتقد الحساسية)، وأن عليها طلب العون إذا احتاجته (لأنه لا يستطيع التنبؤ بذلك)، وأن من الأفضل اتّباع خططه أولًا ثم الاستفسار بعدها، مع عدم لومه على أي أخطاء قد تظهر لاحقًا (فهو غير متسرِّع).
كذلك يجب على المرأة أن تُدرك كذلك أن من طبيعة الرجل الاستغراق في أنشطة التغيير الكبير أكثر من استغراقه في التحدُّث حوله (فلا يجب أن تتوقَّع كثرة الحديث)، ويجب أن تفهم كذلك أن الرجال لا ينظرون بطبيعتهم إلى غيرهم عندما يتحدّثون عن أمر هام (فلا يجب أن تصاب بخيبة الأمل).
أما الرجل، فيجب أن يتذكَّر أن المرأة تحتاج إلى الوقت لكي تمر بمرحلة التغيير الانتقالية وفك الارتباط العاطفي مع الماضي (فيجب أن يدعمها ويحترم عواطفها، حتى وإن لم يكن متفقًا معها)، وأنها عادة ما يُشل تفكيرها أثناء التغيير (فيجب إطْلاعها على ما يحدث من التطوُّرات وعدم إهمالها)، وعادة أيضًا ما تنسى احتياجاتها تمامًا (فيفيدها أن يهتم بها زوجها أكثر).
يجب أن يُدرك الرجل أيضًا أن المرأة تفكِّر كثيرًا في المستقبل (لذا فمن واجبه أن يتحدَّث معها عن خططه ولو بإيجاز)، وأن كثرة تفكيرها تجعلها مبتكرة (لذا فليستفد من أفكارها ما استطاع)، وإن في كتاب الله عز وجل وسنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم عظيم التوجيه والإرشاد لأرقى أخلاقيات التعامل بين الزوجين في كل مكان وزمان، فيجب الأخذ بها دومًا.