تعلَّم ممارسة الدكتاتورية الطّيبة لمصلحة طفلك، واعلم أن إجبار الطفل بذكاء على طاعتك لا يتنافى مع تنمية احترامه للذات. يجب عليك أن تفهم أن احترام الذات عند البالغين هو أمر مختلف كلية عن احترام الذات لدى الصغار. إن الأطفال يشعرون بالتوازن وينمو تقديرهم لذاتهم عندما يعلمون أن هناك سلطة أعلى منهم تمنحهم الحب، في الوقت ذاته الذي تمنحهم فيه الأوامر وتتحكّم فيهم؛ لأن منحهم الحب مقرونًا بالتسيّب يسبب لهم الضيق والقلق ويجعلهم أنانيين. للحصول على الطاعة قم بعمل الآتي:
- وفّر جهدك دومًا ولا تبرّر؛ فقط استخدم جملة: “لأنني قلت ذلك” أو ما شابهها.
- اعلم أن الطفل غير الراشد لن يقنعه كلام الدنيا كلها (لأنه لا يفهم)؛ انتظر ليكبر ويفهم هو بنفسه (وعندها لن يحتاج لأن يسألك).
- إيّاك والانفعال في وجه أطفالك؛ اترك هذه الصبيانية لهم، انظر لهم بحزم ومباشرة وقل قرارك دون أدنى تلميح بالتهديد أو الاعتذار، وبمنتهى الإصرار.
- وضّح الأسباب فقط عندما تكون هناك رغبة حقيقية عند الطفل للسماع، وقل في الأوقات الأخرى: “أنا لا أتحدث مع من لا يرغب في الاستماع إليَّ بهدوء”.
- كُن حازمًا، مصرًّا، هادئًا، وفوق كل ذلك كُن مثابرًا، وأوجد خمس صيغ جاهزة وبالغة الاقتضاب والتكرار لتقول نفس الشيء من دون إعطاء أي مبرّر، وإيَّاك والتنازل.
لذا عليك أن تكون دكتاتورًا طيبًا؛ لأنك بذلك تُعرّض الطفل للمسئوليات المتزايدة أثناء نموه، وتُؤهله لتحمّل مسئولية نفسه عند بلوغه، كما أنك تُعلّمه حدوده وأصول النقاش مع الراشدين بعيدًا عن الجدال العقيم. اعلم أن تهذيب طفلك يأتي بالسلطة والحب معًا، فلا حب بلا سلطة، كما أنه لا سلطة بلا حب. إن صنع ذلك التوازن يُرضي الأهل ويعطيهم الثقة، كما يُرضي الابن ويجعله متزنًا.
إن الاحترام بين الأهل والطفل هو طريق ذو اتجاهين، ومعنى احترام الطفل لأهله هو طاعته لهم بهدوء، ومعنى احترام الأهل للطفل هو توقُّعهم الطاعة منه بهدوء. إن الطفل ينمو وهو يُريد أن يصدّق أن أهله هم أصحاب قدرات غير محدودة، وأنهم يستطيعون حمايته من كل شيء، ومن مظاهر هذه القدرات قوة شخصيتهم معه، فهو يريدهم مسيطرين دومًا، وإنْ بدا عكس ذلك. يجب على الأهل مساعدة طفلهم بلطف في التخلي عن أنانيته بالتدريج من خلال فرض تحكّمهم على محيطه وكل ما يخصّه، وبعملهم ذلك سيكتسبون احترامه وينمّون قدراته الاجتماعية والفطرية، وسيعالجون أية مشكلات سلوكية من جذورها.