عند محادثتك لأطفالك، يجب عليك أن تتحدث من منطلق القوة دومًا، واعلم بأن أقوى جملة تفسيرية كاملة هي جملة: “لأنني قلت ذلك” وتفريعاتها. إن الأطفال لن يفعلوا شيئًا غير الجدال إذا برّرت لهم، فلا تبرّر.
إذا حدث وأردت التبرير في الموقف المناسب، أي حينما يبدو أنهم سيستمعون، برّر من منطلق القوة، وقم بأمر من أمامك أمرًا أن ألا ينطق بحرف وأنت تتحدث، وأعلمه أن ما ستقوله هو الصحيح، سواء رضي أم لم يرضَ.
إن تحدُّثك من منطلق السلطة سينمّي الاحترام المشترك، وسيعلم الأطفال أهمية الاستماع وسيحفزهم مستقبلًا على التمرّس على التفاوض بدلًا من الجدال، وسيتعلمون من خلال ذلك تحمل مسئولية إقناع الغير بطلباتهم بصورة عقلانية وهادئة.
من مظاهر القوة أيضًا اشتراك الأب والأم في القوة سواسية، فعندما يأتي الأمر للضبط والثواب والعقاب لا تصلح جملة: “سأخبر والدك عندما يعود من العمل”؛ لأنها تساوى جملة: “أنا الضعيفة المقهورة وأبوك هو المتوحش”.
يجب أن تكون الأفعال والأقوال والأساليب ثابتة ثباتًا غير عادى بين الأب والأم، ومن هنا كانت أهمية قوة العلاقة الزوجية كأساس للتربية السليمة.
إن عدم الثبات عند الطرفين يهز من شخصية الطفل بقوّة، ويتسبب في مآسي عديدة للكل. إذن، فالقوة شيء يمتلكه طرفا التربية، وهما متّفقان في كل شيء وخصوصًا في ممارستهم لهذه القوة.
بقيت نقطة أخيرة تتعلق بالقوة، وهي المديح، فالقوي يكون مقتضبًا جدًّا في مديحه، هذا إذا مدح من الأساس، وذلك يتوافق مع كونه مصدر الأمان والدعم ولا يتعارض معه. لقد أثبتت التجارب أن مديح الأطفال والثناء عليهم يجعلهم يصابون بالغرور، ومن ثم يتجنبون النشاط الذي تم مديحهم عليه من الأساس (وهو عكس المطلوب)، كما أنهم يركّزون على المديح أكثر من العمل ذاته، وأخيرا تقل رغبتهم في العمل (لأن ما هو عادي وواجب يحصد المديح غير العادي، وهذا يفقدهم التوازن). لا يجب أن تمدح أطفالك وهم يفعلون الشيء الواجب والصحيح، فهذا يُعد وضعًا للأمور في غير مواضعها. تصرّف مع الواجب على أنه الحد الأدنى ولا تدلّل الأطفال. باختصار كُن مقتضبًا ومتحفظًا عند المديح، وقُله ولكن بعد تفكير وتروٍّ، فالمديح مثل العقاب، يجب أن يكون دائمًا بهدف.