يتعرّض الجميع إلى الانتقادات بين الوقت والآخر، والحقيقة أن أغلب الناس لا يحبون أن ينتقدوا أبدًا. لتنجح في هذا العالم يجب عليك أن تتعلم تقبُّل النقد بصدر رحب. يجب أن تكون إيجابيًّا، ومتفتحًا، ومتعاونًا، بل ومبتكرًا في ذلك؛ لأنه حتى أثناء تقبل النقد يمكنك أن تكون مميزًا.
إن إتقانك التعامل مع انتقادات الغير بفن وذوق في مختلف الظروف سيفيدك بطريقتين: أولًا لأن حدة الانتقادات وعددها سيقل مع الوقت، وستتحول إلى مساهمات مفيدة ونصائح غالية تعينك على التطور. ثانيًا لأنك ستستفيد حقًّا من خلال التعرف على أمور في نفسك قد تكون خافية عليك، حتى وإن كان القائل لا يريد مصلحتك بقدر ما يريد أذيتك؛ لأنه بمعالجتك مواضع الانتقاد ستكون قد قطعت الطريق على المنافسين.
إن النجاح دائمًا ما يحصد الانتقادات العادلة وغير العادلة، ويجب عليك أن تدفع ثمن النجاح وأنت راضٍ به لكي تستمر في الصعود. فيما يأتي إرشادات التعامل مع الانتقاد بصورة طيبة ومفيدة للجميع:
- ركّز على مهارات التواصل الفعّال: انتبه لما سيقال، استمع جيدًا، وأكّد على فهمك وقدّر الطرف الآخر حتى وإن كنت ترفض رأيه. تذكر القاعدة الأساسية في التواصل مع الغير القائلة: “لا تُجْرِ أي عملية اتصال وأنت مرهق، أو جوعان، أو حزين، أو غضبان؛ فالمشاعر والاستماع لا يتفقان أبدًا”.
- تجنَّب إطلاق النار العكسية: تجنَّب الرد بالكلمات الهجومية من عينة “أنت خطأ” و”كلامك غير صحيح” و”أنا لا أوافقك” وما شابه ذلك. فمثل هذه الكلمات لن تجديك نفعًا، وستستعدي من أمامك أكثر بدلًا من تهدئة الموقف أو تحويله لصالحك. اعمل على أن ترسل لمن أمامك الرسالة بأنك في صفه كمستمع قدير، وأشعره بأنك تفهمه وتستوعب ما يقول.
- شتّت الهجوم بذكاء: من الطبيعي عند الكثيرين في مثل هذا الموقف أن يكونوا مدافعين أمام الهجوم، ظنًّا منهم أن هذا سينهيه. الطريقة الأذكى لتسليط الضوء على الهجوم المبالغ فيه وبتره تتمثل في الانضمام إلى مهاجمك ودعوته للمزيد من الهجوم؛ لكي يظهر تحامله للجميع وله كذلك، ويبدأ في التراجع. قل له شيئًا مثل: “لنرَ إذن، من الواضح أن لديك الكثير لتقوله لتعينني على نفسي، ومن الواجب علي أن أبتغي مصلحتي؛ لذا ها أنا كلي آذان صاغية لك لتهاجم نقاط ضعفي، وسأسجل كل ما تقول على الورق لأستفيد منه”. إن المفاجأة ستحول الموقف لصالحك، أو على الأقل تهدئه.
- قيّم الجمهور بواقعية: في الواقع لا يمكن أن يكون الجميع من أفضل 10%، أو أسوأ 10%، فهناك 80% في المنتصف. إذا واجهت منتقدًا فتقبّل الحقيقة القائلة بأنه من الممكن أن يكون من أسوأ الناس رأيًا فيك أو من أحسنهم رأيًا، أو ما بين هذا وذلك؛ فمن المستحيل أن يكون الجميع من مجموعة الـ 10% الدنيا (المجموعة صاحبة أسوأ رأي ونقد). كن موضوعيًّا وستهدأ كثيرًا.
- احكم على المضمون بدلًا من المصدر: ركّز اهتمامك على الرسالة بدلًا من التركيز على مرسلها؛ لأنه حتى إذا لم يكن المتحدث محببًا إلى قلبك، فهناك شيء من الممكن أن يفيدك فيما يقول.
- افصل ذاتك عن الموقف: للوهلة الأولى من الممكن أن تأخذ النقد بصورة شخصية جدًّا. إذا حدث ذلك تراجع فورًا وقل لنفسك ذاتيًّا: “هذه فرصتي لأكون شخصًا أقوى وأفضل وأرقى، إن انتقاده ليس شخصيًّا، وسأستفيد بعون الله من هذه الفرصة في جميع الأحوال”. افصل ما بين المشاعر وأصول التواصل الفعّال. كن مستمعًا قديرًا.
- اشكر الطرف الآخر في النهاية: في جميع الأحوال لقد أهداك الطرف الآخر هدية قيمة، سواء كانت هذه الهدية في مضمون الحديث، أو في أنه عرَّضك لتجربة تتمرّن فيها على مواجهة أعداء النجاح؛ لذا فهو يستحق الشكر.
- قم بالرد المناسب: إذا وجدت لديك الرغبة في الرد، وهدوء الأعصاب، وضّح وجهة نظرك بهدوء وناقش الطرف الآخر بموضوعية. واعلم في النهاية أنك لست مطالبًا بالرد على أفكار كل شخص، فهو له حرية التعبير، وأنت لك حرية الصمت؛ لأنه أحيانًا يكون السكوت عن الكلام أبلغ من الكلام. في كل الأحوال تأكّد من استفادتك من التجربة.
إن أقيم شيء من الممكن أن تعمله عند مواجهة الانتقادات هو عدم توقع أن يحبك الجميع كل الوقت. تعلّم قبول نفسك بناء على نعم الله عليك، واعمل على فصل مشاعرك عن مشاعر الناس تجاهك. أخيرًا، يجب عليك أن تعرف متى تتقبل الانتقاد، فليست كل الأوقات ولا الظروف مناسبة؛ لذا كن ودودًا مع نفسك ولا تحمِّلها فوق طاقتها.