إن حل جميع مشكلات الطفل الحسّاس يكمن في التعامل معه وفقًا لتعاليم كتاب الله عز وجل وسنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم، مما سيجعله متوازنًا في جميع مناحي حياته.
مشكلة الحس العالي للتفاصيل الدقيقة: إن الحس العالي للتفاصيل الدقيقة ميزة جميلة عندما يشعر الطفل بكل همسة حب أو حركة عاطفة من الأهل، أو يعتني بأخيه الأصغر الرضيع عندما يدرك أنه جوعان، أو عندما ينبّه أباه لتفادي حادثة ما. لكن نفس هذا الحس العالي قد يكون كابوسًا عندما يرى الطفل البقع الصغيرة في الطعام، أو يشك بأن أحدهم نطق بشيء، أو يدرك أن سريره قد تحرك من مكانه بضع سنتيمترات، فهاهنا تبدأ المشكلات (لكثرة التفاصيل المتغيّرة). للتعامل مع هذه المشكلة عليك بالآتي:
- صدّق طفلك: عندما يقول طفلك إن شيئًا ما يضايقه أو يؤلمه، فصدّقه وتصرّف على هذا الأساس معه؛ لأنه لا يكذب.
- صارح طفلك: بعد أن أظهرت تفهّمك للطفل – ولا يعني ذلك رضاك – قل له ما إذا كان الموقف سينتهي ومتى، أو ما إذا كان واقعًا ولن يتغيّر. إن ذلك سيدعم قدرته على الصبر والقبول للواقع.
- ضع حدودًا لما يمكنك فعله: قبل دخولك في موضوع تعلم سلفًا أنه مشكلة، حدد للطفل الحد الأقصى من المرات التي ستحاول مساعدته فيها، ثم توقّف بعدها تمامًا.
- احتفظ بالآداب الاجتماعية العامة: إذا حدثت نوبة غضب في الخارج، تعاطف مع الطفل حتى يتوقف، ثم ناقش الأمر معه في اليوم الثاني إذا كانت سنّه تسمح بذلك.
- عند الإمكان، أعط الطفل الاختيار: إذا سنحت الظروف، اجعل الطفل يختار ما يريد ما دام لن يتضايق كثيرًا بعدها من فرض شيء ما عليه.
مشكلة الاستثارة القوية للغاية: إن الطفل قد يراقب العديد من المعلومات الخارجية أو الداخلية (في عقله) للدرجة التي تستثار فيها حواسه بشدة. عندما يحدث ذلك، فإنه يشعر بالضغط والانزعاج والضيق. قد يُستثار الطفل من اللعب، أو المزاح الزائد، أو التفكير، أو حتى من النوم (الأحلام). عند مواجهة هذه المشكلة عليك بالآتي:
- طوّر مناطق المهارة عند طفلك: اعمل على تطوير منطقة مهارية قوية عند الطفل (خصوصًا في مناطق الاستثارة) ليشعر فيها بالراحة والاطمئنان، وينطلق فيها بصورة ترضيه وتزيد من ثقته في التعامل معها (مثال: القدرة علي التعبير عن آرائه).
- أبعد الطفل عن مناطق العجز والفشل: اعمل على ألَّا يقترب الطفل من الممارسات أو الأنشطة التي تُشعره بالعجز وقلة الحيلة.
- حاور طفلك حول المشكلات المرتقبة وكيفية التعامل معها: اعمل على إعداد طفلك للتعامل مع هذه المواقف قبل حدوثها، وذلك على الصعيد العقلي، إذا كانت سنّه تسمح.
- ساعد طفلك على الاستمتاع بعيدًا عن المنافسة: إذا لاحظت اندماج الطفل في نشاط منافس أو يضعه تحت المجهر، اسحبه من هذا النشاط وأدخله في أنشطة يستمتع بها لذاتها أكثر.
مشكلة المشاعر الداخلية العميقة وردود الفعل القوية: مع أن الطفل الحسّاس قد يهدأ بعد مرور الموقف أو التأقلم معه، إلا أن مشاعره قد تصل إلى عنان السماء في البداية. إن الأطفال الاجتماعيين عادة ما يُظهرون هذه النوبات من المشاعر ويطلقونها علنًا، أما الانطوائيون (حوالي 70% من الأطفال ذوي الحساسية المرتفعة) فإنهم يحتفظون بها لأنفسهم، وهي تظهر على شكل أعراض جسمية مرضيّة، أو مشاعر سلبيّة تجاه أحد أفراد العائلة. للتعامل مع هذه المشكلة عليك بما يأتي:
- فكّر في كيفية تعاملك مع مشاعرك السلبية، وحول ما إذا كنت قدوة طيّبة لطفلك، وفكّر حول ما إذا كانت هذه الكيفية سليمة من الأساس. إن الأطفال مرآة للكبار، هل ترى نفسك قويًّا وذكيًّا من الناحية العاطفية؟ هل تُرسل لابنك الرسائل المطلوبة حول كيفية التعامل مع المشاعر الجارفة؟
- اقرأ حول الذكاء العاطفي عند الكبار والأطفال لتفهمه أكثر وتتعامل معه بحكمة.
- تحدث مع طفلك حول مشاعره وعلّمه مصطلحات جديدة للتعامل مع مشاعره وفهمها بصورة أفضل.
- انفتح على الطفل ليُطلق شحنة عواطفه بصورة آمنة، ثم اعمل على فهمه، وذلك عن طريق الحوار.
- اهتم بالمشاعر الإيجابية وركّز عليها، وزد من فرص ظهورها لدي طفلك.
مشكلة الدراية العالية بمشاعر الغير: إن الطفل الحسّاس يمتلك قدرة غير عادية تؤهّله للدراية المستمرة بمشاعر من هم حوله، وذلك يعطيه القدرة على قراءة ما بين السطور من إشارات، وتلميحات، ونظرات، وهمسات. قد يستفيد الطفل من ذلك عندما يتواصل في علاقاته الاجتماعية. لكن في نفس الوقت، قد يعني ذلك فهم الطفل لمشاعر جميع من هم حوله، بما فيها تلك التي لا يريدون إظهارها من غضب، أو ضيق، أو قلق، أو خوف. ومن ثَمَّ فإن الطفل يتأثر بها بغض النظر عن ظهورها تجاهه أو لا، وهذا التأثّر قد يكون سلبيًّا بالخضوع والاستسلام، أو عدائيًّا بالمواجهة والعصيان. للتعامل مع هذه المشكلة عليك بعمل الآتي:
- اهتم بكيفية شعور طفلك حيال مشاعر الآخرين: إن مشاركتك حس طفلك العالي في فهم مشاعر الآخرين يلعب دورًا في تهدئته؛ لذا شاركه فهمه للغير وأعنه على تفسير مشاعرهم بصورة هادئة وطيبة.
- علّم طفلك ما ينبغي قراءته والتعامل معه من المشاعر المختلفة: يجب على طفلك أن يتعلّم التفرقة بين ما هو شخصي وغير شخصي، وبين ما يخصّه وما لا يخصّه. كما يجب أن يفهم حريَّة الآخرين في الشعور من دون إجباره على التصرّف بصورة ما.
- اعمل على عدم تعريض الطفل لمشكلات الغير: إن الطفل الحسّاس يتأثر بشدة بالمشاعر المحيطة به وخصوصًا السلبية منها؛ لذا لا يجب تعريضه لمشكلات الغير حتى لا يتعاطف معها بصورة تؤدى إلى ضرره شخصيًّا.
مشكلة التفكير المطوّل والتباطؤ قبل الإقدام على الجديد: إن استيعاب الطفل الحسّاس للكثير من المعلومات يعنى أنه يشعر بحجم غير عادي من الضغط عند التعامل مع المواقف الجديدة؛ لذلك فإنه يستغرق وقتًا أطول لفهم المواقف واتخاذ القرارات، وقد يكون متردّدًا بشدة. عندما تواجه هذا الموقف، عليك بالآتي:
- قدّر ميزة تفكير طفلك الحريص، من حيث تفاديه العديد من المشكلات. لا تضغط لاتخاذ القرار بصورة فورية وامنح الطفل فرصة للتفكير والتأمّل قبل أخذ الخطوة الأولى. اعلم أن نجاح كل تجربة جديدة سيدعم النجاحات المستقبلية للطفل.
- انظر للموقف من وجهة نظر طفلك، وأعطه الفرصة لكي يتّخذ القرار أو لا يتّخذه، ووضّح له العواقب دومًا، واجعله يتحمّلها في جميع الأحوال ليتعلَّم بنفسه.
مشكلة الاختلاف عن الآخرين والتميز ولفت الأنظار: إن الطفل الحسّاس مختلف عن الغير، وهذا يلفت الأنظار إليه إما في صورة إيجابية كلها إعجاب ومودة، وإما في صورة سلبية كلها انتقاد وغضب. إن الاختلاف قد يظهر لأي سبب متعلّق بالصفات العديدة التي يمتلكها الأطفال ذوو الحساسية المرتفعة، مثل الخجل أو الضيق أو التأثّر أو التعاطف. لتتعامل مع طفلك المحب للفت للأنظار وتساعده، عليك بعمل الآتي:
- قيّم أفكارك الشخصية حول الصفة المميّزة لطفلك، وقيّم مدى قبولك الشخصي لاختلافه على أنه شيء عادي ومقبول.
- تحدّث مع الطفل حول هذه الصفة والمشكلات التي قد يتعرّض لها بسببها، وأرشده إلى كيفية تفادي تلك المواقف والخروج منها بذكاء.
- عند نمو إدراك الطفل مستقبلًا، اشرح له الفروق والخلفيات المجتمعيّة التي تدعو الغير لرؤيته على أنه شخص مميز؛ وذلك ليتقبّلها ويتعامل معها بحكمة.