إن إدارة الوقت في الحقيقة هي إدارة للحياة، ولا يمكن فصل الحياة اليومية عن حقيقة الروح وارتباطها بالحياة الأخروية؛ لذا كان من الضروري الانطلاق في إدارة الوقت من صياغة ما يسمى بالرسالة الحياتية الشخصية.
إن الرسالة الحياتية: هي عبارة عن صيغة مكتوبة تعبّر عن درجتك الأخروية الإيمانية التي تود الوصول إليها في الآخرة إن شاء الله، من خلال العمل على أهدافك الدنيوية التي تود إنجازها في جميع مجالات حياتك الدينية والمهنية والشخصية والعائلية.
ستعبّر هذه الرسالة عن قيمك الدينية التي تحيا من خلالها، وتتّخذ القرارات بناء عليها، وهذه القيم مستقاة كلها من كتاب الله عز وجل وسنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم. إن صياغة هذه الرسالة بوضوح سيعطي المعنى والقيمة لكل ما تفعله في حياتك، وسيرشدك لأفضل النشاطات التي توجّه إليها طاقتك، وأفعالك، وتصرفاتك، وقراراتك، من أجل أن تحيا بالصورة التي تشعرك بالراحة الإيمانية والاستقرار النفسي.
ترتبط الرسالة الحياتية بالحياة الآخرة والمكانة التي تود أن تحققها عند الله عز وجل؛ لذا يمكن اعتبارها كالبوصلة التي تحدِّد الاتجاه؛ فالرسالة ليست هدفًا يمكنك تحقيقه في هذه الحياة الدنيا، هي ليست شيئًا يمكنك انجازه والانتهاء منه، بل هي عبارة عن أخلاقيات وطموحات سامية تود أن تحيا من خلالها.
فيما يأتي إرشادات عامة لصياغة رسالتك الحياتية:
- اجعل الرسالة بسيطة وواضحة، واعمل على أن تكون عباراتها في المتوسّط في حدود خمسة أسطر، وفقراتها لا تزيد عن أربع كحد أقصى.
- حدّد في الرسالة درجتك الإيمانية التي تود الوصول إليها في الآخرة إن شاء الله، واربط الوصول إلى هذه الدرجة بواجباتك الدينية العينية المفروضة عليك، وباختصاصك الحياتي الذي ستخدم دين الله من خلاله.
- اجعل الهدف الأسمى لتنمية أخلاقك مرضاة الله عز وجل والالتزام بتعاليمه في كل شيء.
- اجعل رسالتك إيجابية وضمّنها فقط في العبارات التي تعبّر عن الأوضاع المستهدفة، وتجنَّب استخدام الجمل السلبية التي تعبّر عن الأوضاع التي لا ترغب فيها.
- فكّر في محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم القدوة والمثل الأعلى، و فكّر في نجاحاته في الدنيا والآخرة، واجعله صلى الله عليه وسلم ملهمًا لك في وضع المعايير الأخلاقية الأرقى والأسمى.
- فكّر في أهدافك التي تود إنجازها في هذه الحياة في جميع مجالات حياتك الدينية، والمهنية، والشخصية، والعائلية.
- اكتب الرسالة الحياتية من قلبك، واعلم أنها أهم شيء ستكتبه في حياتك. أعط الموضوع حقّه؛ لأنه يحدّد توجهاتك المصيرية نحو علاقتك مع الله عز وجل.